ولو كان الراهن غائباً ، أثبت المرتهن الرهن عند الحاكم حتى يبيعه. فإن لم تكن له بيّنة أو لم يكن في البلد حاكم ، فله بيعه بنفسه ، كما أنّ مَنْ ظفر بغير جنس حقّه من مال المديون وهو جامد ولا بيّنة له ، يبيعه ، ويأخذ حقّه من ثمنه.
مسألة ١٧٠ : لو أذن الراهن للمرتهن في بيع الرهن بنفسه ، صحّ الإذن. فإن باع بالإذن ، صحّ البيع ، سواء كان الراهن حاضراً وقت البيع أو غائباً.
وللشافعي وجهان إذا باع في الغيبة :
أحدهما : كما قلناه من الصحّة وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد كما لو أذن له في بيع مالٍ آخر.
وأصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّه يبيعه لغرض نفسه ، فيكون متّهماً في الاستعجال وترك النظر (١).
وإن باعه بحضوره ، صحّ ؛ لانقطاع التهمة ، وهو ظاهر قول الشافعي حيث قال : ولو شرط للمرتهن إذا حلّ الحقّ أن يبيعه ، لم يجز أن يبيع بنفسه إلاّ بأن يحضر ربّ الرهن (٢).
وفيه وجه : أنّه لا يصحّ أيضاً ؛ لأنّه توكيل فيما يتعلّق بحقّه ، فعلى هذا لا يصحّ توكيله ببيعه أصلاً.
ويتفرّع عليه أنّه لو شرط ذلك في ابتداء الرهن ، فإن كان الرهن مشروطاً في بيع ، فالبيع باطل : وإن كان رهْنَ تبرّعٍ ، فعلى القولين في الشروط الفاسدة النافعة للمرتهن أنّها هل تُبطل الرهن (٣)؟.
__________________
(١) التهذيب للبغوي ٤ : ٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢٨.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢٨.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢٨.