مسألة ١٠٨ : إذا أذن في الرهن فإن سوّغ له الرهن كيف شاء ، جاز للراهن أن يرهن على أيّ مقدار شاء وعند أيّ مرتهن شاء وكيف شاء من حلول أو تأجيل إلى أيّ أجل شاء ؛ لأنّ تعميم هذا النوع من التصرّف يجري مجرى التنصيص على كلّ واحد من الجزئيّات ، ولا ريب أنّه لو نصّ على أيّ جزئيّ كان ، صحّ ، فكذا مع ما يقوم مقامه.
وإن خصّص البعض وعمّم الباقي ، تخصّص ما خصّصه ، ولا يجوز له التجاوز ، إلاّ مع الغبطة للمالك ، وساغ التصرّف في الباقي كيف شاء.
فلو أذن له في الرهن على مائة عند مَنْ شاء وكيف شاء ، لم يجز له التجاوز في القدر إلاّ في الأقلّ ، وجاز التعميم في الباقي.
ولو أذن له في الرهن عند مَنْ شاء على أيّ قدر شاء إلى سنة ، تخيّر في القدر قلّةً وكثرةً وفي الغرماء ، ولم يجز له التجاوز عن السنة إلاّ ما دون ؛ لاشتماله على الغبطة للراهن.
ولو عيّن المرتهن ، تعيّن ، ولم يجز التجاوز مطلقاً.
ولو أطلق الإذن ولم يقيّده بتعميمٍ ولا تخصيص ، احتُمل الجواز ؛ للإطلاق ، وانتفاء التخصيص ؛ لعدم الأولويّة بالبعض دون البعض ، وبه قال أبو حنيفة (١).
والمنعُ ؛ لما فيه من التغرير بالمالك ، لاحتمال أن يرهنه على أضعاف قيمته وإلى مدّة تزيد على عمره ، ولا غرر أعظم من ذلك. وهو الأقوى ، فحينئذٍ يجب بيان جنس الدَّيْن وقدره وصفته في الحلول والتأجيل وغيرهما وهو قول الشافعي على القول بأنّه ضمان (٢) لاختلاف أغراض الضامن
__________________
(١) بدائع الصنائع ٦ : ١٣٦ ، المغني ٤ : ٤١٣.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٩٤ ٢٩٥.