وقد خالف في ذلك بعض المعتزلة ، وتوهّم المناقضة ، من حيث إنّ السجود نوع واحد وهو مأمور به فيستحيل أن ينهى عنه ، بل السّاجد للصّنم عاص بقصد تعظيم الصّنم ، لا بنفس السّجود. (١)
وليس بجيّد ، إذ لا تناقض مع تغاير المحلّ ، والسجود لله تعالى مغاير للسجود للصّنم ، فإنّ اختلاف الإضافات والصفات يوجب المغايرة ، والشيء لا يغاير نفسه ، وقد قال الله تعالى : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ)(٢) ثمّ أمر بالسّجود لله تعالى ، وليس المأمور به ، هو المنهيّ عنه ، ولا خلاف في عصيان الساجد للصّنم والشمس بنفس السجود والقصد معا.
وقولهم : السجود نوع واحد.
قلنا : نعم ، لكنّه منقسم بانقسام المقاصد ، فإنّ مقصود هذا السجود تعظيم الصنم ، دون الله تعالى ، واختلاف وجوه الفعل ، كاختلاف نفس الفعل في حصول الغيريّة ، المانعة من التّضاد ، فإنّ التّضاد إنّما يكون مع الإضافة إلى واحد ، ولا وحدة مع المغايرة.
وأمّا الثاني فإمّا أن يكون ذا جهة واحدة ، أو ذا جهتين.
فالأوّل ، لا خلاف في استحالة توجّه الأمر والنهي معا إليه ، إلّا عند من يجوّز تكليف ما لا يطاق.
__________________
(١) نقله أحمد بن إدريس المصري القرّافي في نفائس الأصول في شرح المحصول : ٢ / ٣٩٩ عن سيف الدّين عن بعض المعتزلة ، دون أنّ يعيّن القائل.
(٢) فصّلت : ٣٧.