وعن الثامن : أنّه مراد ومكروه باعتبار الوقتين ، ولا استحالة في ذلك.
على أنّ الأشاعرة منعوا من استلزام الأمر والنهي الإرادة والكراهة.
قال قاضي القضاة (١) : قولهم : الأمر المؤبّد يقتضي اعتقاد وجوب العبادة أبدا ، والعزم على أدائها أبدا ، باطل لأنّه إنّما يقتضي ذلك بشرط كون الفعل مصلحة.
وأجاب عن قولهم : «إنّ ذلك يمنع من القدرة على تعريفنا دوام الشريعة» بأنّ ذلك غير مانع ، لأنّه يجوز أن يضطرّ الأمّة إلى قصد نبيّها أنّ شريعته لا تنسخ ، ويجوز أن يعلموا ذلك بأن يقول : «شريعتي مصلحة ما بقي التكليف» وبأن ينقطع الوحي.
وأجاب عن قولهم : إنّ في تأخير بيان النسخ إلباس ، بأنّ الإلباس إنّما يثبت إذا لم يبيّن الحكيم ما يجب بيانه ممّا يحتاج المكلّف إليه ، وما لا يحتاج إليه فلا يجب بيانه ، فلا إلباس في فقد بيانه ، وليس يحتاج المكلّف في حال الخطاب إلى معرفة وقت ارتفاع العبادة ، وبأنّ العبادة تنقطع بالعجز ، ولا يعلم متى يطرأ ، ولم يكن في ذلك إلباس ، فكذا في النسخ.
فإن قلت : الأمر بالفعل مشروط بالتمكّن.
قلنا : والأمر بالعبادة مشروط بكونها مصلحة.
__________________
(١) نقله عنه أبو الحسين البصري في المعتمد : ١ / ٣٧٣ ـ ٣٧٥.