المتقدّم ، بل الطارئ مشروط بمحلّ يطرأ عليه ، وليس كلّ محلّ صالحا لأن يحلّ فيه كلّ عرض، بل لا بدّ في كلّ عرض من محلّ خاصّ به ، قابل له ، وإنّما يكون قابلا لو خلا عن المقابل له ، فمن هذه الحيثيّة شرطنا في الطارئ زوال السابق ، والمعترض توهّم الاشتراط بمجرّد المنافاة ، ولم يتفطّن الوجه فيه.
الثالث : حدوث الطارئ إن كان حال كون الأوّل معدوما ، لم يؤثّر في عدمه ، لاستحالة إعدام المعدوم ، وإن كان حال كونه موجودا ، اجتمعا في الوجود ، فلا يتنافيان ، فلا يرفع أحدهما الآخر.
وليس ذلك كالكسر مع الانكسار ، لأنّ الانكسار عبارة عن زوال تلك التأليفات عن أجزاء الجسم ، والتأليفات أعراض غير باقية ، فلا يكون للكسر أثر في إزالتها.
اعترض (١) : بأنّ إثبات العدم ليس إعدام المعدوم ، كما أنّ إثبات الوجود ليس إيجاد الموجود على (٢) معنى اختيار القسم الأوّل ، وهو أن يوجد مع عدمه ، ولا يلزم من ذلك إعدام المعدوم ، وانّما يلزم لو لم يكن هو المعدوم ، أمّا إذا كان هو المعدوم ، والعدم المثبت للعدم ، كما أنّ الموجد هو المثبت للوجود ، فلا يلزم إعدام المعدوم.
والتحقيق أن نقول : إن عنيت المعيّة الذاتيّة لم تكن حدوث الطارئ حالة عدم الزائل ، ولا يلزم الاجتماع في الوجود.
__________________
(١) المعترض هو سراج الدّين الأرموي في التحصيل من المحصول : ٢ / ١٠.
(٢) في «أ» : وعلى.