الواجب ، والندب ، والمباح ، وهي مشتركة في رفع الحرج ، فيجب تحقّقه ، والزائد عليه مشكوك فيه ، والأصل عدمه ، عملا بالاستصحاب ، فقد ثبت انتفاء الحرج في فعله قطعا ، وانتفاء الرجحان ظاهرا ، فيكون مباحا ، إلّا ما دلّ الدليل على وجوبه أو ندبه ، وإذا كان مباحا ظاهرا في حقّه ، كان كذلك في حقّنا ، لدليل التأسّي.
والاعتراض : ما تقدّم على آية التأسّي ، مع أنّا نقول به فيما لم يظهر فيه قصد القربة.
احتج القائلون بالوقف : بأنّ فعله صلىاللهعليهوآلهوسلم متردّد بين أن يكون خاصّا به وغير خاصّ ، والثاني متردّد بين الأحكام الثلاثة ، ولا صيغة للفعل تدلّ على أحدهما بخصوصه ، وليس البعض أولى ، فيجب الوقف.
والاعتراض : إن أرادوا بالوقف أنّا لا نحكم بإيجاب ولا ندب إلّا أن يقوم دليل عليه ، فهو حقّ.
وإن أرادوا به أنّ الثابت أحد هذه ، لكنّا لا نعرفه بعينه ، فخطأ ، لأنّ ذلك يستدعي دليلا ، وقد بيّنّا أنّه لا دلالة للفعل على شيء سوى مطلق الترجيح ، مع ظهور قصد القربة ، وعلى نفي الحرج مطلقا ، مع عدم ظهوره.