اللفظ في مدلوله ، ليتحقّق صرفه عنه إلى غيره ، إذ لو كان مساويا له ، حصل التردّد ، ولم يجز العدول ، لأنّه ترجيح من غير مرجّح.
ولو كان مرجوحا ، لم يجز العدول باعتباره اتّفاقا ، فلا بدّ وأن يكون الدليل الصارف للفظ عن مدلوله راجحا على ظهور اللفظ ، ويختلف الترجيح باعتبار قوّة الظهور وضعفه.
قيل (١) : ويشترط أيضا كون الناظر المتأوّل أهلا لذلك.
وفيه نظر ، إذ الاعتبار بالدليل لا بالناظر.
ويشبه أن يكون كلّ تأويل صرف اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز ، ويدخل فيه تخصيص العامّ ، فإنّ وضعه وإن كان للاستغراق ، إلّا أنّ الاقتصار على البعض مجاز.
واعلم أنّ الاحتمال قد يكون قريبا على ما بيّناه ، فيكفي فيه دليل قريب وإن لم يكن بالغا في القوّة.
وقد يكون بعيدا ، فيفتقر إلى دليل قويّ ، بحيث يكون ذلك الاحتمال البعيد أغلب على الظنّ من مخالفة ذلك الدليل.
وقد يكون ذلك الدّليل ظاهرا آخر أقوى منه.
وقد يكون دليلا عقليّا ، أو قياسا منصوص العلّة.
وقد يكون قرينة قرب تأويل لا ينقدح إلّا بتقدير قرينة ، وان لم تنقل
__________________
(١) القائل هو الآمدي في الإحكام : ٣ / ٣٨.