في الأدلّة ما يخصّص العموم ، فلا يرد السؤال عليه.
وعن الثامن عشر : أنّ قول الملك لوزيره والسيّد لعبده : «غدا آمرك بشيء» ليس فيه أمر في الحال ، بل إعلام بورود أمر مجمل ، وتأخيره جائز عندنا.
واحتجّ المانعون من تأخير بيان المجمل بعدم الفرق بين الخطاب بالمجمل الّذي لا يعرف مدلوله من غير بيان ، وبين الخطاب بلغة يضعها المخاطب مع نفسه من غير بيان ، وكما يصحّ الثاني ، فكذا الأوّل.
ولأنّ المقصود من الخطاب إنّما هو التفاهم ، والمجمل الّذي لا يعرف مدلوله من غير بيان له في الحال لا يحصل منه التفاهم ، فلا يكون مفيدا ، فلا تحسن المخاطبة به ، لكونه لغوا ، وهو قبيح من الشارع ، كما لو خاطب بكلمات مهملة لم توضع في لغة من اللّغات لمعنى على ان يبيّن المراد منها بعد ذلك.
والجواب : المجمل يعرف منه التكليف بأحد مدلولاته ، فيحصل بالخطاب به فائدة الثواب والعقاب بالعزم على الفعل والترك ، بخلاف الخطاب بما لا يفهم منه شيء البتة.
والخطاب بالمجمل خطاب بما لا يحتاج إلى بيان من وجه ، وهو إرادة أحدهما لا بعينه ، فإن أراد المتكلّم بالقرء شيئا سوى الطّهر والحيض ، فقد أراد به غير ظاهره ، فحينئذ يجب بيانه إمّا مجملا أو مفصّلا على ما تقدّم. (١)
وفيه نظر ، فإنّ النزاع فيما لو كانت صيغة الأمر مشتركة ، كما في صيغة المأمور.
__________________
(١) لاحظ الإحكام للآمدي : ٣ / ٣٢ ؛ والمعتمد : ١ / ٣٢٠.