وفيه نظر ، لقضاء العقل بالجواز ، لأنّه الأصل ، بخلاف الامتناع ، فكان الحكم بالجواز أولى.
واعترضه الغزّالي : بأنّه لا يورث العلم ببطلان الإحالة ، ولا بثبوت الجواز ، إذ يمكن أن يكون وراء ما ذكره وفصّله دليل على الإحالة لم يخطر لهؤلاء (١) ، ويمكن أن لا يكون دليل لا على الإحالة ، ولا على الجواز ، فعدم العلم بدليل الجواز لا يثبت الإحالة ، فكذا عدم العلم بدليل الإحالة لا يثبت الجواز ، بل عدم العلم بدليل الإحالة لا يكون علما بعدم الإحالة ، فلعلّ عليه دليلا لم يعلمه أحد. (٢)
وعن التاسع : بالفرق بين فقد التّبيّن مع وجود البيان ، وتأخير البيان ، في أنّ الثاني قبيح دون الأوّل ، لأنّ القبح في تأخير البيان منسوب إلى المخاطب ، وفي فقد التبيين منسوب إلى تقصير المكلّف ، وسقوط التكليف عن الميّت إنّما هو لعدم تمكّنه المشروط في التكليف ، وذلك لا يفترق بأن يكون قد مات بفعله أو بفعل غيره.
على أنّ ذلك ينتقض بدنوّ حال الفعل ، لأنّه لا يجوز أن لا يبيّن له ، وإن كان لو بيّن له ، فلم يتبيّن ، لم يوجب ذلك قبح التكليف ولا قبح البيان.
وعن العاشر : بأنّ المتأخّر هو البيان التفصيليّ لا الإجماليّ ، فيمكن أن يكون الاجماليّ متقدّما بل والتفصيليّ أيضا.
__________________
(١) في المصدر : «لم يخطر له».
(٢) المستصفى : ٢ / ٤١.