أقول : ويحتمل أن يكون المراد : «ولا تعجيل بطلب القرآن في تعريف الأحكام من قبل أن يقضى إليك وحيه» لدلالة قوله : (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)(١) عليه.
وعن السادس : بالمنع من تأخير البيان في هذه الآية ، بل هو مقرن بها ، لأنّ الملائكة علّلوا الهلاك بأنّ أهلها كانوا ظالمين ، وذلك لا يدخل فيه إلّا من كان ظالما ، ولم يتخلّل بين قول الملائكة غير سؤال إبراهيم ، وهو قوله : (إِنَّ فِيها لُوطاً)(٢) وذلك لا يعدّ تأخيرا للبيان بجريان مثل ذلك بسبب انقطاع نفس أو سعال.
ومبادرة إبراهيم عليهالسلام إلى السؤال ، ومنعهم من اقتران البيان بالمبيّن نازل منزلة انقطاع النفس والسّعال ، حتّى أنّه لو لم يبادر بالسّؤال ، لبادروا بالبيان.
وعن السابع : أنّه لا يلزم من عدم علم معاذ وعدم سماعه ومعرفته بالوقص ، عدم اقتران البيان بالمبيّن خصوصا ، والأصل عدم وجوب الزكاة في الأوقاص ، وغيرها ، فإذا أوجب الشارع الزكاة في غيرها ، بقيت هي على حكم الأصل ، وهذا صالح للبيان والتخصيص.
وعن الثامن : وهو دليل القاضي أبي بكر (٣) ، أنّه معارض بمثله ، وهو أنّه لو كان جائزا ، فإمّا أن يعرف بالضرورة أو النّظر ، وكلّ منهما منتف ، فلا جواز ، وليس أحدهما أولى من الآخر. (٤)
__________________
(١) طه : ١١٤.
(٢) العنكبوت : ٣٢.
(٣) نقله الغزّالي في المستصفى : ٢ / ٤١.
(٤) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٧.