وإن أرادوا أنّه يدلّ على الوجوب كما يدلّ المبيّن ، فغير صحيح ، لأنّ البيان يتضمّن صفة المبيّن ، وليس يتضمّن لفظا يفيد الوجوب ، فإنّ صورة الصلاة الواجبة والمندوبة واحدة.
وإن أرادوا به أنّه إذا كان المبيّن واجبا ، كان بيانه على الرّسول واجبا ، وإن لم يكن المبيّن واجبا ، لم يجب على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بيانه ، فهو باطل ، فإنّ بيان المجمل واجب سواء تضمّن فعلا واجبا ، أو ندبا ، أو مباحا ، أو غيرها من الأحكام ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق.
وأيضا ، لو تساويا في الحكم ، وكان ما دلّ عليه البيان من الحكم هو ما دلّ عليه المبيّن ، لم يكن أحدهما بيانا للآخر ، وإنّما يكون أحد الأمرين بيانا للآخر إذا كان دالّا على صفة مدلول الآخر ، لا على مدلوله ، ومع ذلك ، فلا اتّحاد في الحكم (١).
وفيه نظر ، لأنّه لا يلزم من تساويهما في الحكم التساوي من كلّ وجه.
لا يقال : المراد من الاتّحاد في الحكم أنّه إن كان حكم المبيّن واجبا ، كان بيانه واجبا ، وإن لم يكن واجبا ، لم يكن البيان واجبا.
لأنّا نقول : إن لم تكن الحاجة داعية إلى البيان في الحال ، لم يجب البيان عند قوم ، ولا فرق بين أن يكون [حكم] المبيّن واجبا أو لا.
وإن دعت لم يجب البيان أيضا عند من يجوّز التكليف بالمحال ، وإلّا كان واجبا إن كان المبيّن واجبا ، لاستحالة التكليف بالمحال.
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ٢١.