النّصّ على الحكم كانت معتبرة في الجانبين ، وأمّا المقدّمات الّتي يفتقر القياس إليها في دلالته ، فهي مختصّة بجانب القياس ، فإثبات الحكم بالقياس يتوقّف على مقدّمات أكثر من مقدّمات العموم ، فيكون العموم أولى ، لأنّ إثبات الحكم به أظهر ، والأقوى لا يصير مرجوحا بالأضعف.
لأنّا نقول : العمومات قد تتفاوت في الدّلالة على مدلولاتها ، فبعضها يكون أقوى من بعض ، فجاز أن يكون العامّ المخصوص أضعف دلالة على محلّ النزاع من دلالة العامّ الّذي هو أصل القياس على مدلوله.
وحينئذ يظهر ترجيح قول الغزّالي هنا.
وعلى الثالث : أنّ حديث معاذ إن اقتضى منع تخصيص الكتاب والسنّة بالقياس ، اقتضى منع تخصيص الكتاب بالسّنّة المتواترة ، ولا شكّ في فساده.
وأيضا ، كونه مذكورا في الكتاب مبنيّ على كونه مرادا بالعموم ، وهو مشكوك فيه ، فكونه مذكورا في الكتاب مشكوك فيه.
وأيضا ، حكم العقل الأصليّ في براءة الذمّة ، يترك بخبر الواحد وبقياس خبر الواحد ، لأنّه ليس يحكم به العقل مع ورود الخبر ، فيصير مشكوكا فيه معه ، فكذا العموم.
وعلى الرابع : بالمنع من كون النّصّ هنا مرادا للقياس ، وإنّما يكون كذلك