والاعتراض على الأوّل : أنّ كلّ واحد من العامّ والخاصّ اجتمع فيه صفتا العلم والظّنّ باعتبارين ، فالعامّ مقطوع في متنه مظنون في دلالته ، والقياس الخاصّ بالعكس ، فلا أولويّة.
قال المرتضى : ونمنع كون القياس هنا ظنيّا ، فإنّ دليل العبادة بالقياس يقتضي العلم ، فما خصّص إلّا بمعلوم ، ولا اعتبار بطريق هذا العلم ، ظنّا كان أو غيره (١).
وفيه نظر ، فإنّ البحث وقع عن القياس لا عن دليله.
وعلى الثاني : أنّ القياس المخصّص [للنّصّ] ليس فرعا على النّصّ المخصوص ، بل على غيره ، فلا يحصل تقديم الفرع على الأصل ، فإنّا إذا خصّصنا بقياس الأرز على البرّ عموم قوله تعالى : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٢) لم يخصص الأصل بفرعه ، فإنّ الأرز فرع حديث البرّ ، لا فرع إحلال البيع.
وأيضا ، يلزم أن لا يخصّص عموم القرآن بخبر الواحد ، لأنّ خبر الواحد فرع لثبوته بأصل من كتاب أو سنّة ، فيكون فرعا له ، وقد سلم التّخصيص به من منع التخصيص بالقياس.
لا يقال : القياس إذا كان فرعا لنصّ آخر ، فكلّ مقدّمة لا بدّ فيها من دلالة
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٢٨٥.
(٢) البقرة : ٢٧٥.