تقدّم ، ولا الخاصّ بالكليّة ، لأنّ دلالته على محلّه (١) أقوى من دلالة العامّ عليه.
وإذا تعارض دليلان ، وأحدهما أرجح ، وجب العمل بالرّاجح ، فلم يبق إلّا العمل بالدليلين ، والجمع بينهما ، وذلك بأن يعمل بالعامّ في غير صورة التخصيص ، وبالخاصّ في محلّه.
الثالث : قد بينّا امتناع الجمع بين دلالة العامّ على عمومه والخاصّ على خصوصه ، فلا بدّ من الترجيح لأحدهما ، فنقول : زوال الزائل (٢) إن كان على سبيل التخصيص ، ثبت المطلوب ، وإن كان على سبيل النسخ فكذلك ، فإنّ كلّ من جوّز نسخ الكتاب بمثله ، جوّز التخصيص بمثله.
على أنّا نقول : التخصيص أولى من النّسخ ، لاستدعاء النسخ ثبوت أصل الحكم في الصورة الخاصّة ، ورفعه بعد ثبوته ، والتخصيص عدم إرادة المتكلّم باللفظ العامّ للصّورة المخصوصة ، فما يتوقّف عليه النسخ أكثر ، فهو مرجوح.
ولأنّ النسخ رفع بعد الإثبات ، والتخصيص منع من الإثبات ، والمنع أسهل من الرفع.
ولأنّ وقوع التخصيص في الشرع أغلب من النسخ ، فكان الحمل على التخصيص أولى.
احتجّ المانعون بقوله تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(٣) فوّض
__________________
(١) في «ج» : على حكمه.
(٢) في «أ» : الزائد.
(٣) النحل : ٤٤.