الثاني : حكمة الاستثناء موجودة في الأقلّ دون المساوي والأكثر ، بيانه :
أنّ الاستثناء إنّما يفعل للاستدراك أو الاختصار ، فالأوّل أن يظنّ الإنسان أنّ لزيد عليه عشرة ، فيقرّ وتذكّر في الحال أنّ له عليه تسعة ، فيستثني درهما.
والاختصار نحو : أن يستطيل الإنسان أن يقرّ بتسعة دراهم وخمسة دوانيق ، فيقرّ بعشرة إلّا دانقا ، وليس من الاختصار أن يقول : لزيد عليّ ألف درهم إلّا تسعمائة وتسعة وتسعين.
وليس من العادة أن يكون على الإنسان درهم فيظنّ أنّ عليه ألف درهم ، ثمّ تذكّر في الحال أنّ عليه درهما فيستدرك ذلك بالاستثناء.
الثالث : يقبح أن يقال : له عليّ ألف إلّا تسعمائة وتسعة وتسعين ، ولا يصحّ : له ألف إلّا درهما ، والاستقباح يدلّ على أنّه ليس من اللّغة.
الجواب عن الأوّل : المنع من كونه إنكارا بعد إقرار ، لأنّ الاستثناء مع المستثنى كاللفظ الواحد الدالّ على ذلك القدر.
وعن الثاني : ما بيّناه ، من وجود الحكم.
وعن الثالث : أنّ الاستقباح لا يمنع الصحّة ، كما لو قال : له عليّ عشرة إلّا درهما ، لم يكن قبيحا ، ولو قال : له عليّ عشرة إلّا دانقا ودانقا إلى عشرين ، كان قبيحا.