وبالجملة فهذه الآيات تدلّ على إبطال قول من منع من المساوي والأكثر ، إذ لو كان المستثنى أقلّ من المستثنى منه ، لزم أن يكون اتّباع إبليس والمخلصين كلّ واحد منهما أقلّ من الآخر (١).
وفيه نظر ، لأنّ الغاوين لو كانوا أقلّ من مطلق عباده ، لم يلزم أن يكونوا أقلّ من مخلصي عباده.
واعترض (٢) أيضا : بأنّ «الّا» بمعنى «لكن» أو بأنّ المنع من استثناء الأكثر إنّما هو إذا كان عدد المستثنى والمستثنى منه مصرّحا ، مثل : «خذ مائة إلا تسعين» ولا يمنع : «خذ ما في الكيس إلّا الزيوف» فإنّه يصحّ ، وإن كانت الزيوف أكثر.
وفيه نظر ، لأنّه غير المتنازع.
وقيل (٣) في الاستدلال : إنّه تعالى استثنى الغاوين ، وهم أكثر ، لقوله : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)(٤).
الثاني : لو قال : «له عليّ عشرة إلّا تسعة» لزمه واحد بإجماع الفقهاء ، ولو لا صحّة هذا الاستثناء لما كان كذلك.
الثالث : قال الشاعر :
__________________
(١) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤١٠.
(٢) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٩٨.
(٣) القائل هو الآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٩٨.
(٤) الأعراف : ١٧.