انّ مع كونه مؤمنا يقع منه الخطأ ولا يقع منه العمد» (١).
وعن الثاني : بالمنع من كونه ليس من جنس الملائكة ، ولا تنافي بين كونه من الملائكة ومن الجنّ ، فإنّه قد نقل عن ابن عبّاس وغيره من المفسّرين : أنّ إبليس كان من الملائكة من قبيل يقال لهم الجنّ ، لأنّهم كانوا إخوان الجانّ (٢) وكان إبليس رئيسهم ، ويسمّى جنيّا لاختفائه واجتنانه.
ويؤيّده ، أنّه استثني من الملائكة ، والأصل في الاستثناء الاتّصال ، للإجماع على صحّته ، والخلاف في المنفصل.
ولأنّ الأمر بالسجود لآدم ، إنّما هو للملائكة في قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ)(٣) ولو لم يكن إبليس منهم ، لم يكن عاصيا بتركه ، إذ الأصل عدم أمر وراء هذا الأمر.
ولا تنافي بين كونه من الملائكة وثبوت الذريّة.
وكون التّوالد إنّما يكون بين الذّكر والأنثى ولا إناث في الملائكة لإنكاره تعالى.
وقولهم : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً)(٤) لا ينافي ما قلناه ، لاحتمال كون الأنثى من غير الملائكة ، لإمكان التوالد من جنسين.
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٢٤٧.
(٢) هكذا في النسخ : وفي الإحكام للآمدي : ٢ / ٣٩٦ : «خزّان الجنان».
(٣) البقرة : ٣٤.
(٤) الزخرف : ١٩.