لا يقال : ظنّ كونه حجّة أقوى من ظنّ كونه غير حجّة ، لأنّ إجراءه على العموم أولى من حمله على التخصيص ، ولمّا ظهر هذا القدر من التفاوت ، كفى ذلك في ثبوت الظنّ.
لأنّا نقول : نمنع من قوّة ظنّ كونه حجّة ، وإنّما يحصل بعد البحث عنه.
احتج الصّيرفي بوجهين :
الأوّل : لو لم يجز التمسّك بالعامّ إلّا بعد طلب المخصّص ، لما جاز التمسّك بالحقيقة إلّا بعد طلب أنّه هل وجد ما يقتضي الصّرف إلى المجاز ، والتّالي باطل ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ المانع من التمسّك في العامّ قبل البحث عن المخصّص ، ليس إلّا احتمال الخطأ ، وهذا المعنى موجود في الحقيقة والمجاز ، فيشتركان في الحكم.
وبيان بطلان التالي : أنّ العرف خاصّ يحمل الألفاظ على ظواهرها من غير بحث [عن] أنّه هل وجد ما يصرف اللفظ عن حقيقته أو لا.
وإذا كان في العرف كذلك ، وجب في الشرع لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما رآه المسلمون حسنا ، فهو عند الله حسن. (١)
الثاني : الأصل عدم التخصيص ، وهذا يوجب ظنّ عدم المخصّص ، فيكفي في إثبات ظنّ الحكم.
والجواب عن الأول : بالفرق بين العامّ والحقيقة ، فإنّ كلّ العمومات
__________________
(١) عوالي اللآلي : ١ / ٣٨١ وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده : ١ / ٣٧٩.