وحيث بطل القسمان ، ثبت كونه حجّة في ذلك البعض لا يتوقّف على كونه حجّة في البعض الآخر ، ولا على كونه حجّة في الكلّ ، فإذن هو حجّة في البعض ، سواء ثبت كونه حجّة في البعض الآخر أو لا.
أعترض (١) : بأنّه لا يلزم من عدم توقّف الشيء على غيره جواز وجوده بدونه كما في المتلازمين ، وإن عنى بتوقّفه عليه عدم وجوده بدونه ، لم يلزم الدّور في المتلازمين.
الثاني : المقتضي لثبوت الحكم في غير محلّ التخصيص قائم ، والمعارض الموجود لا يصلح معارضا ، فوجب ثبوت الحكم في غير محلّ التخصيص.
إنّما قلنا : إنّ المقتضي قائم ، لأنّه هو اللّفظ الدالّ على ثبوت الحكم في كلّ الصور والدالّ عليه في كلّ الصّور دالّ عليه في محل التخصيص وغيره ، فثبت قيام المقتضي في غير محلّ التخصيص.
وأمّا عدم المعارض ، فلأنّ المعارض ليس إلّا كون الحكم غير ثابت في صورة التّخصيص ، ولا يلزم من عدم الحكم في هذه الصورة عدمه في الأخرى ، كما لا يلزم من ثبوته في صورة ثبوته في الأخرى (٢).
وفيه نظر ، لأنّ المقتضي هو اللّفظ الدّالّ على الجميع ، مع
__________________
(١) المعترض سراج الدّين الأرموي في التحصيل من المحصول : ١ / ٣٧٠. والضمير في قوله : «وإن عنى» يرجع إلى الفخر الرازيّ.
(٢) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٠٣.