الثاني : لو لم يكن خطابه صلىاللهعليهوآلهوسلم متناولا لنا ، لم يكن رسولا إلينا ، والتّالي باطل بالإجماع ، فالمقدّم مثله.
الثالث : إجماع الصحابة ، ومن بعدهم من التابعين ، وغيرهم ، قرنا بعد قرن على الاحتجاج في المسائل الشرعية على من وجد بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالآيات والأخبار المنقولة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولو لا عموم تلك الدلائل اللّفظيّة لمن وجد بعد ذلك ، لم يكن التمسّك بها صحيحا ، والإجماع لا ينعقد على الخطأ.
الرابع : كان صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أراد تخصيص أحد بحكم ، نصّ عليه وبيّنه كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي بردة (١) : «يجزئ عنك ولا يجزئ عن أحد بعدك» (٢) وخصّص عبد الرّحمن بن عوف (٣) بلبس الحرير ، وحيث لم يتبيّن التخصيص علم العموم.
والفريق الأوّل حكموا في حقّنا بحكمه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبالآيات الواردة في حقّ من شافهه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالخطاب ، للعلم الضروريّ بذلك من دين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ أجابوا عن الأوّل : بأنّ [لفظ] الناس ، والجماعة ، والأسود ، والأحمر ، إنّما يتناول الموجودين في ذلك الزّمان ، فيختص بالحاضرين ، ويدخل تحت صورة النزاع ، فلا يجوز التمسّك به فيه.
__________________
(١) هو هانئ بن نيار بن عمرو ، حليف الأنصار ، غلبت عليه كنيته ، وهو خال البراء بن عازب شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مات سنة ٤٥ ه. لاحظ اسد الغابة : ٥ / ٥٣.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب العيدين برقم ٩٥٥ وكتاب الأضاحي برقم ٥٥٥٦.
(٣) هو احد السّتة أصحاب الشورى الذين جعل عمر بن الخطاب الخلافة فيهم ، مات سنة ٣١ ه. لاحظ اسد الغابة : ٣ / ٣١٣.