شكّ من استغراق كلامه أو قصره على البعض ، فينبغي أن يكون في اللّغة لفظ يفيده.
وأجاب بحصول ذلك بالترديد ، فيقول : «جاءني إمّا كلّ الناس أو بعضهم».
فإن قالوا : إنّ في اللّغة ما يفيد الاستغراق ، وهو قولنا : «استغراق».
قلنا : مذهبكم خلاف ذلك ، وهو : أنّ حسن الاستفهام ، والتأكيد ، والاستثناء ، يدلّ على عدم الاستغراق ، ونحن نعلم حسن «استغرقت أكل الخبز إلّا هذا الرغيف» ويحسن الاستفهام والتأكيد فيقول (١) : «استغرقت أكل الخبز كلّه».
لا يقال : الاستغراق يستغنى عنه بأن يعدّد المتكلّم الأشخاص الدّاخلين تحت حكمه.
لأنّا نقول : قد يريد الإنسان أن يعبّر عن جميع الناس ، ليدلّ على حكم شامل لهم ، ويمتنع أن يعدّهم واحدا واحدا ، ولا يكفي التعليل في التعميم مثل : «كلّ من دخل داري ضربته ، لأنّه دخل داري» لخفاء علل أكثر الأحكام ، كما إذا أراد أن يخبر بأنّ كلّ إنسان في الدار نائم ، أو ضارب ، وغيرهما ممّا يكثر تعدّده ، لم تعرف علّة ذلك ، وقد تختلف العلل بالنسبة إلى الأشخاص ، فلا يمكن تعميم العلّة فيهم.
لا يقال : إنّما يلزم ذلك لو كانت اللّغة وضعيّة ، حتّى إذا وضعوا أسماء (٢)
__________________
(١) في «أ» : فنقول.
(٢) في «ب» و «ج» : اسما.