وفيه نظر ، فإنّا لم نجعل العموم من عوارض كلّ معنى ، حتّى ينتقض بمثل زيد وعمرو ، بل جعلناه عارضا لكلّ كليّ ذي أفراد متعدّدة ، فلا يرد ما ذكرتموه نقضا.
وأيضا ، فإنّ أسماء هذه المعاني لا يعرض لها العموم حقيقة ولا مجازا ، فإن كان عدم اطّراده في المعاني يبطل عروضه لها حقيقة كان عدم اطّراده في الألفاظ يبطل عروضه لها حقيقة ، كان عدم اطّراده في الألفاظ ، يبطل عروضه لها حقيقة أيضا.
واحتجّ المثبتون : بأنّ أهل اللّغة أطلقوا إطلاقا شائعا : عمّ العطاء ، والإنعام ، والخصب ، والخير ، والمطر وغيرها ، وهذه الأمور من المعاني ، لا من الألفاظ ، والأصل في الإطلاق الحقيقة.
أجيب : بأنّ من لوازم العامّ أن يكون متّحدا ، ومع اتّحاده متناولا لأمور متعدّدة من جهة واحدة. والعطاء الحاصل لزيد ، غير الحاصل لعمرو ، وكذا المطر وغيره ، بخلاف اللفظ الواحد كالإنسان ، وحقيقة عموم المطر والخصب أن يكون بجملته حاصلا لكلّ واحد منهم ، وهو مستحيل بل جملة المطر يحصل بجملة النّاس وأجزاؤه لأجزائهم.
أمّا لفظ «المشركين» ، فإنّ تناوله لهذا ولهذا على حدّ واحد ، وليس يتناول جزء منه لشخص وجزء منه لآخر ، وليس في الوجود فعل واحد هو عطاء ، وتكون نسبته إلى زيد وعمرو واحدة ، وإن كانت حقيقته (١) واحدة في العقل (٢).
__________________
(١) أي حقيقة الوجود.
(٢) في «ب» و «ج» : الفعل.