الخبرين الأوّلين ، لأنّ الوجه فيه أحد شيئين :
أحدهما : أنّه ما كان يحبس على جهة العقوبة ، إلاّ الذين ذكرهم.
والثاني : أنّه ما كان يحبسهم حبساً طويلاً ، إلاّ الثلاثة الذين استثناهم ؛ لأنّ الدين إنّما يحبس فيه بقدر ما يتبين حاله ، فإن كان مُعدِماً وعلم ذلك من حاله خلي سبيله ، وإن لم يكن مُعدِماً الزم الخروج مما عليه ، أو يباع عليه ما يقضى به دينه (١). انتهى.
وفي الوجهين بُعد ، ولا سيّما الثاني ، إلاّ أنّه لا بأس بهما ؛ لرجحان الأخبار الأوّلة على الصحيحة من وجوه عديدة ، أظهرها كونها مفتى بها دون هذه ؛ لمخالفة الحصر فيها للإجماع جدّاً.
وإن لم يعرف له أصل مال ، ولا كانت الدعوى مالاً ، بل كانت جناية ، أو صداقاً ، أو نفقة زوجة ، أو قريب ، أو نحو ذلك ، قُبِل قوله بيمينه ؛ لموافقة دعواه الأصل ، فيكون كالمنكر ، بخلاف ما إذا كان أصل الدعوى مالاً ، فإنّ أصالة بقائه يمنع قبول قوله.
( ومع ثبوته ) أي ثبوت إعساره بالبيّنة ، أو اليمين ، أو تصديق المدّعى ( ينظر ) ويمهل حتى يمكن له الوفاء ويتيسر ، على الأظهر الأشهر ، كما صرح به الماتن هنا وفي الشرائع وجمع ممّن تأخّر (٢) ؛ للأصل ؛ وقوله سبحانه ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) (٣).
وللأخبار المتقدّمة أخيراً ، حتى الصحيح منها ، نظراً إلى مفهوم
__________________
(١) الاستبصار ٣ : ٤٨.
(٢) الشرائع ٤ : ٨٤ ؛ كشف الرموز ٢ : ٤٩٩ ، وانظر المسالك ٢ : ٣٦٧ ، ومجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ١٣١ ، والكفاية : ٢٦٧.
(٣) البقرة : ٢٨٠.