الوجوب عيناً ، وكونه كفايةً فيما إذا زاد عدد الشهود عن العدد المعتبر شرعاً واضحة ، ولا إشكال فيها من هذه الجهة ، بل الإشكال فيها إنّما هو من حيث دلالتها على التفصيل بين صورتي الاستدعاء لتحمّل الشهادة فتجب الإقامة ( عيناً مطلقاً ) (١) ولو زاد عددهم عن المعتبر شرعاً ، وعدمه فتجب كفايةً مع الزيادة ، وعيناً مع عدمها.
وهو مخالف لما عليه جمهور أصحابنا المتأخرين ، حيث حكموا بوجوب الإقامة كفاية مطلقاً ولو في الصورة الاولى مع الزيادة ، وادّعوا إجماعاتهم المتقدّمة (٢) على ذلك كذلك.
إلاّ أنّ جمهور قدماء الأصحاب كالشيخ في النهاية والإسكافي والقاضي والحلبي وابني زهرة وحمزة (٣) على التفصيل المتقدّم إليه الإشارة.
واستدل لهم زيادةً على ذلك بأنّه مع عدم الاستدعاء لم يؤخذ منه التزام ، بخلاف ما إذا تحمّل قصداً ، فإنّه يكون ملتزماً ، كضمان الأموال.
والمسألة عند العبد محل تردّد ، من استفاضة المعتبرة الصريحة المعتضدة بالشهرة القديمة وتعليلهم المتقدّم إليه الإشارة.
ومن إطلاقات الكتاب والسنّة بوجوب الإقامة ، المعتضدة بالأصل ، والشهرة العظيمة المتأخرة ، وإطلاقات الإجماعات المحكية على الوجوب كفايةً ، وبعض الأُمور الاعتبارية التي استدل بها جماعة (٤) ، من أنّها أمانة
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « س ».
(٢) في ص ٣٧٣.
(٣) النهاية : ٣٣٠ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٧٢٥ ، القاضي في المهذّب ٢ : ٥٦١ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ٤٣٦ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٥ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٢٣٢.
(٤) منهم الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤١٥ ، والمحقق الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٢٨٥.