المثال ، فالمرجع فيه إلى الإجماع وتواتر النصوص ، دون القياس والاجتهاد ، وعلى الخبر إجماع أصحابنا منعقد (١) انتهى.
فإن جبرناها بالإجماع والشهرة المنقولين ، وإلاّ ففي العمل بها لما مضى إليه الإشارة مناقشة ، كما هو ظاهر الماتن هنا وفي الشرائع (٢) ، وصريح جماعة (٣).
واختلفوا في تنزيلها : فأبو العباس في مقتصره (٤) نزّله على ما ذكره الحلّي من التقييد بصورة اليأس ، وآخرون (٥) نزّلوه على صورة الإعراض عنها ، كالمحقرات التي يعرض عنها ، كما لو احتطب المسافر وخبز به أو طبخ ثم ترك الباقي معرضاً عنه ؛ فإنّه يجوز لغيره أخذه.
وهم بين مطلق لحصول الملك للآخذ بإعراض المالك ، ومقيّد له بكونه في المهلكة وبعد الاجتهاد في الغوص والتفتيش ، وأمّا لو خلى عن المهلكة ، أو لم يبالغ في التفتيش فإنّه لا يخرج عن الملك.
وفي الجميع نظر ؛ لعدم قيام دليل على جواز تملك الأموال بيأس أربابها ، أو إعراضها عنها مطلقاً.
نعم غاية الأخير إفادة الإباحة ، ومع ذلك لا يصلح شيء منها توجيهاً للرواية ؛ إذ بعد تسليم صحتها لا تختص بإفادة التمليك في صورة الغوص خاصّة ، بل يجري في صورة إخراج البحر لها أيضاً ، مع أنّ الرواية صرّحت
__________________
(١) السرائر ٢ : ١٩٥.
(٢) الشرائع ٤ : ١٠٩.
(٣) منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٤ : ٢٧١ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٧٥ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٣٤٤.
(٤) المقتصر : ٣٨٠.
(٥) كالعلاّمة في القواعد ٢ : ٢١٣ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٨٩.