والعرفاء والمخلصين ، ومنارا للأحرار» (١).
ولهذه الأسباب فإنّ الاستشفاء بتربة سيّد الشهداء ، والتشافي في حرمه الشريف يعدّ جزءا من الثقافة الشيعية المسندة بالروايات.
كتب العلّامة الأميني : «أليس من الأفضل أن يجعل موضع السجود على تراب فارت منه ينابيع دم ذات صبغة إلهية؟ وعلى تربة امتزجت بدم من طهّره الله وجعل محبّته جزءا من الرسالة المحمدية؟ وعلى تراب عجن بدم سيّد شباب أهل الجنّة ، والوديعة المحبوبة عند الرسول؟ ...» (٢).
ما السر الكامن في تربة كربلاء؟ تربة كربلاء ممتزجة بدم الله ، ولا غرو لو منح دم الله للتراب اعتبارا ، ولا عجب ان تخلق الشهادة للأرض وللأبواب وللجدران قداسة وكرامة ، وأن يصبح تراب كربلاء موضعا لسجود العارفين ، وينفح العشّاق عطر الشهادة من تربة الحسين ، ويكون دواء لكلّ داء.
لا يتيسّر اكتساب درس التربة والفرات إلّا في مدرسة الزيارة. وحديث التراب مع القلب لا يسمعه إلّا ذوو الآذان الحسينية. «... هنالك تربة كأنها المغناطيس تجذب إليها العشاق المتيسّر جذبهم ، كبرادة الحديد ، هنالك المرقد المقدس لجندي مضح جاءه الناس باطيب الورد وقبّلوه وشموه وفوق ضريحه نثروه ، من قبل ان يعرف الملوك والرؤساء رسم الجندي المجهول ووضع باقة من الورد على ضريحه. وتبقى هذه الامنية في قلوب الناس ، وهي انهم يا ليتهم قاتلوا بين يديه ونصروا الإسلام وقتلوا في سبيله» (٣).
يقول الشهيد المطهري : «... أنت يا من تعبد الله وتسجد على اي تراب ، صلاتك صحيحة ، لكنك اذا سجدت على تراب له ادنى اتصال أو قرابة أو جوار مع
__________________
(١) صحيفة النور ٢٠ : ٢٣٩.
(٢) سيرتنا وسنّتنا للعلامة الاميني : ١٦٦.
(٣) أول جامعة وآخر رسول (بالفارسية) للشهيد باك نجاد ٢ : ٤٣.