انّ مضامين أمثال هذه الخطب التي تبيّن حقيقة الدين وتكشف عن الصورة الحقيقية لخصوم أهل البيت ، وتعكس مظلومية عترة النبي صلىاللهعليهوآله تعتبر من أهم الوثائق التاريخية في توضيح معالم مسيرة سيّد الشهداء في واقعة الطف ، وتشير إلى مدى عمق معرفة أهل بيته ، ودفاعهم الواعي عن الحق.
الخطط العسكرية والاعلامية :
تطالعنا في ثورة عاشوراء سلسلة من الخطط العسكرية والاعلامية التي مارسها الإمام الحسين عليهالسلام. وقد اتخذت اساليبه العسكرية امّا حالة الدفاع أو حالة الهجوم. وتركّز اسلوبه الاعلامي بشكل اساسي على توعية أبناء الامّة ، واستثمار هذه الحركة ما أمكن لابلاغ رسالته ، سواء في زمنه وما باشره بنفسه منها أم ما تمّ منها بعد استشهاده. وهناك حقيقة لا يرقى إليها الشكّ ، وهي أنّه عليهالسلام قد تصرّف في ثورة كربلاء كمقاتل يجيد جميع الخطط العسكرية والدفاعية والاعلامية وبمهارة فائقة. وما يطرح انما هو مجرّد امثلة مستخلصة من التأمّل في وقائع هذه النهضة ، وهو ما يعكس بوضوح مقدرته الادارية الرائعة وتنظيمه وتدبيره في تلك الحادثة التي امتزجت فيها المشاعر والعواطف بعنصر التعقل ، وينقسم هذا الموضوع الى :
أولا : الخطط العسكرية
١ ـ الحماية الشخصية : عند لقاء سيّد الشهداء عليهالسلام بوالي المدينة ، الوليد بن عتبة ، بعد موت معاوية ، سار إليه وبرفقته جماعة من شبّان بني هاشم وسيوفهم مسلولة ومخفيّة تحت ثيابهم ، وأوصاهم بالبقاء خارج الدار فاذا ارتفع صوت الإمام من الداخل. فعليهم باقتحام الدار والعمل بما يأمرهم به (١). ولم يكن هذا التدبير الوقائي إلّا احترازا من أي خطر أو سوء قد يبديه الوليد. وذكروا انّ
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٢ : ٥٣٠ ، مقتل الحسين للخوارزمي ١ : ١٨٢.