الروايات والاصول الاعتقادية لدى الشيعة هو انّه كان عالما ، وقد اختار طريق الشهادة عن وعي. ولم يكن ذلك منذ خروجه من المدينة الى مكّة ، أو حينما خرج منها الى أرض العراق ، بل كان مطّلعا على ذلك منذ سنوات طويلة. وكانت الشهادة عهدا عهده إليه الله ورسوله. كان موضوع استشهاده في العاشر من محرّم مطروحا منذ يوم ولادته ، بل وكان معلوما حتّى في عهد الأنبياء السابقين بأنّ الحسين سبط خاتم الأنبياء سيقتل في كربلاء.
هنالك أحاديث كثيرة في هذا الصدد وفيها أخبار عن هذا الموضوع من أنبياء كآدم ، ونوح ، وابراهيم ، وزكريا ، واسماعيل ، وموسى ، وعيسى ، وغيرهم ، إلّا إنّ المجال لا يسع هنا لذكرها (١).
وكان علي عليهالسلام قد مرّ مع جماعة من أصحابه بأرض كربلاء ، فبكى وقال : «هذا مناخ ركابهم ، وهذا ملقى رحالهم وهاهنا مهراق دمائهم ...» (٢) ، كما انّ جبرئيل كان قد أخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إنّ أمّتك تقتل الحسين من بعدك ...» (٣) ، وحتّى الكتب السماوية السابقة وردت فيها اشارات الى هذه الواقعة ، ونقشت بيد الغيب بشكل معجز اشعار حول هذه الحادثة في كنائس ومعابد النصارى واليهود. من جملة ذلك ما كان مكتوبا على جدار كنيسة النصارى التي أخذوا إليها رأس الحسين عليهالسلام :
أترجو أمّة قتلت حسينا |
|
شفاعة جدّه يوم الحساب (٤) |
التنعيم :
منزل على فرسخين من مكّة ، وهو احد المواقيت التي يحرم فيها الحجّاج
__________________
(١) انظر بحار الانوار ٤٤ : ٢٢٣ ـ ٢٦٨ ، عوالم الإمام الحسين : ١٠١ ـ ١٠٥
(٢) بحار الانوار ٤٤ : ٢٥٨.
(٣) نفس المصدر السابق : ٢٣٦.
(٤) عوالم الإمام الحسين : ١١١.