كان لهجرة الحسين أيضا دور كبير في احياء دين جدّه ، وصار محرّم بداية للسنة الهجرية وكانت الهجرتان كلتاهما في سبيل الدين وبقاء الرسالة.
كان النبي موسى عليهالسلام قد خرج من مصر خائفا أيضا : (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ) (١) ، لأن فرعون واتباعه كانوا يريدون قتله ، وهاجر أبو عبد الله من جوار قبر جدّه سالكا الطريق الى مكّة وهو يقرأ نفس تلك الآية (٢) ، وكانت هجرته من مكّة هربا من الموت الذي كان يدبّره له يزيد ، وتوجه الى الموت الذي يثمر من بعده ، وهكذا كانت هجرة الرسول أيضا لافشال خطّة من كانوا يدبّرون لمقتله ليلة المبيت ، فتوجه من مكّة الى غار ثور ومنه الى المدينة.
ان الهجرة ضرورة لأية ثورة عقائدية ، لأنها تتضمن الانسلاخ من النوازع المادية والاستعداد للبذل في سبيل الهدف ، وفيها أيضا رحيل عن الاهل والارض والوطن وجميع الاواصر المادية الاخرى. والهجرة تمنح المهاجر التجربة والنضوج ، وتفتح فكره على آفاق أوسع وارحب ، ويمتد تأثيرها حتى الى تغيير مناطق الهجرة.
ـ دروس من عاشوراء
هدم قبر الإمام الحسين (ع):
لمّا كانت التربة الدامية لسيد الشهداء عليهالسلام مصدر إلهام على طريق مقارعة الظلم ، فقد كان قبره على الدوام موضع تكريم يتحلقون حوله الأحرار ، ومما ضاعف من شدّة ذلك التكريم تأكيدات الأئمة على ضرورة زيارة قبره الشريف ، وهذا ما جعل الحكّام الظلمة يستشعرون الخطر من هذا الجانب دائما ويعملون على هدم قبره.
منذ عهد بني اميّة كانت زيارته ممنوعة وتخضع لرقابة ، والى عهد هارون
__________________
(١) القصص : ٢١.
(٢) مقتل الحسين للمقرّم : ١٥٧.