ومن هنا تنبثق قداسة دماء الشهداء لأنّهم يتعاملون مع الله ، ومن حقّهم أن يغفر لهم مع أول قطرة تراق من دمهم : «أول ما يهراق منه دم الشهيد يغفر ذنبه كلّه إلّا الدين» (١).
فقطرة الدم التي تراق في سبيل الله ، وقطرة الدمع التي تسكب من خشية الله هي أحبّ القطرات إلى الله. «ما من قطرة أحبّ إلى الله عزوجل من قطرتين : قطرة دم في سبيل الله ، وقطرة دمعة في سواد الليل لا يريد بها عبد إلّا الله» (٢).
وردت في الزيارات والروايات تعابير من هذا القبيل بشأن أبي عبد الله عليهالسلام وأنصاره مثل : يا من بذلتم أنفسكم وأرواحكم ودماءكم في سبيل الله. وكلّ شعب يتحلّى بمثل هذه الروحية يبلغ مراقي العزّة. أمّا الذي يتهرّب من التضحية وبذل النفس فنصيبه الذلّة.
الدم العبيط :
ورد في الروايات ظهور آيات عجيبة في الأرض والسماء بعد مقتل الإمام الحسين عليهالسلام في عصر يوم العاشر من المحرّم ، بقي بعضها قائما مدّة من الزمن ، ومن جملة تلك الدلائل والآيات هو الدم العبيط ، حيث ورد في الروايات انّه حصل في بيت المقدس انّهم لم يرفعوا حجرا ولا مدرا إلّا ووجدوا تحته دما عبيطا وامطرت السماء ثلاثة ايام دما (٣) ، ان مطر السماء دما ، اضافة إلى انبعاث الدم من الصخور هو بمثابة رثاء الأرض والسماء لاستشهاد أبي عبد الله.
نقل عن أبي سعيد قوله في الدم العبيط : «ما رفع حجر من الدنيا إلّا وتحته دم عبيط ولقد مطرت السماء دما بقي أثره في الثياب مدّة حتّى تقطّعت» (٤).
__________________
(١) ميزان الحكمة ٥ : ١٩٢.
(٢) نفس المصدر السابق : ١٨٧.
(٣) بحار الانوار ٤٥ : ٢٠٤ ، واثبات الهداة للحر العاملي ٥ : ١٨٠ ، وأمالي الصدوق : ١٤٢.
(٤) احقاق الحق ١١ : ٤٦٢ و ٤٨٢.