الرشيد حيث قطعوا السدرة التي يستظلّ بها زواره (١) ، وحتّى عهد المتوكّل العبّاسي حيث بلغ المنع والتشدّد ذروته ، والى عهد سلطة الوهابيين وغارتهم على كربلاء وهدم مرقده الشريف ، وهذه تنم بأجمعها عن مدى الرعب الذي يشعر به اعداء الحقّ وأهل البيت من اشراقة هذه الشموس المنيرة.
أنشأ المتوكّل العباسي نقطة مراقبة قرب كربلاء وأمر اتباعه بقتل كلّ من يأتي لزيارة الحسين (٢) ، وهدم قبر الحسين بأمر المتوكّل ١٧ مرّة ، وفي أحد المرّات امر «ديزج اليهودي» بهدم القبر وتغيير موضعه وتبديل معالمه ، وحتى انّه ذهب بنفسه هو وغلمانه ونبشوا القبر حتى بلغوا الحصير الذي فيه جسد الإمام واذا به تفوح منه رائحة المسك ، فهالوا عليه التراب ثانية وقطعوا الماء وأرادوا حراثة الأرض لكن الابقار التي تجرّ المحراث وقفت عن المسير (٣).
وفي احدى المرّات أمر هارون الرشيد والي الكوفة بهدم قبر الحسين بن علي. فشيّدوا في تلك البقعة بعض البنايات وزرعوا سائر الاراضي (٤).
بلغ المتوكّل انّ اهل السواد يجتمعون بارض نينوى لزيارة قبر الحسين عليهالسلام فيصير إلى قبره منهم خلق كثير ، فأنفذ قائدا من قوّاده وضمّ إليه عددا كثيفا من الجند لنبش قبر الحسين ومنع الناس من زيارته والاجتماع إلى قبره ، فخرج القائد إلى الطف وعمل بما أمر به ، وذلك في سنة ٢٣٧ ه ، وفي موسم الزيارة ، تجمّع الناس مرّة اخرى وثاروا ضد عناصر الخليفة وقالوا لهم : لو قتلنا عن آخرنا لما أمسك من بقي منا عن زيارته ، فلمّا وصل الخبر إلى المتوكّل أبرق إلى قائده بالكفّ عنهم ، والمسير إلى الكوفة مظهرا انّ مسيره إليها في صالح اهلها (٥).
فمضى على ذلك زمن حتّى كانت سنة ٢٤٧ فبلغ المتوكّل أيضا مصير الناس
__________________
(١) تاريخ الشيعة للمظفري : ٨٩ ، بحار الانوار ٤٥ : ٣٩٨.
(٢) بحار الانوار ٤٥ : ٤٠٤ و ٣٩٤.
(٣) تتمة المنتهى : ٢٤١ و ٢٤٠.
(٤) بحار الانوار ٤٥ : ٤٠٤ و ٣٩٤.
(٥) تتمة المنتهى : ٢٤١ و ٢٤٠.