من اهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليهالسلام وإنّه قد كثر جمعهم وصار لهم سوق كبير. فانفذ قائدا في جميع كثير من الجند وأمر مناديا ينادي ببراءة الذمة ممن زار قبره. ثم نبش القبر وحرث أرضه وانقطع الناس عن الزيارة (١).
لقد كانت كلّ هذه الاعمال لغرض تفريق الناس عن مهد الدفء والشوق هذا ، ولكن لم يتمّ لهم ما قدّروه ، بل ازداد الناس شوقا إليه ، فاصبحت كربلاء خندقا للمقاومة وقبلة لأهل الحقيقة والولاء (٢).
أجل ... «انّ زيارة هذه التربة تساعد الجماهير للتفكير بثورة الحسين وجهاده ومقارعته للظلم ، والاهتمام بفضح السلطة الحاكمة. وهكذا تتحول هذه التربة ـ تربة كربلاء ـ إلى رمز وشعار ، ويصبح الطواف حول قبر الحسين مقابل مائة طواف حول الكعبة ، بل ويرجح عليه أيضا» (٣).
وأغار الوهابيون عام ١٢١٦ ه على كربلاء ، وتواصلت غاراتهم لمدّة عشر سنوات ، نهبوا خلالها المدينة ، وقتلوا الناس ، وهدموا القبر. وفي عام ١٢٢٥ ه سار «الأمير سعود» على رأس جيش عداده ٢٠ ألف مقاتل وهابي ، وهجم على النجف ومن هناك على كربلاء (٤).
وفي عصرنا الحالي ، استخدمت الحكومة البعثية في العراق أنواع الأسلحة لاخماد الانتفاضة الثورية الشيعية عام ١٤١١ ه. في مدينتي النجف وكربلاء ، وضربت قبّة الإمام الحسين عليهالسلام بالمدفعية. وقد حصل هذا بعد الانتفاضة الشعبية ضد حكومة «صدام» حيث استولى الثوار على المدينتين ، فاستخدمت
__________________
(١) اعيان الشيعة ١ : ٦٢٨ ، تراث كربلاء : ٣٤.
(٢) تتمة المنتهى : ٢٤١.
(٣) مجموعة مؤلفات شريعتي (الشيعة) ٧ : ٢٠.
(٤) للاطلاع على فتن وغارات الوهابيين على العتبات المقدسة ، راجع الكتب التالية : «كشف الارتياب» للسيّد محسن الامين ، اعيان الشيعة ١ : ٦٢٨ ، تراث كربلاء لسلمان هادي طعمة : ٢٦٢ ، وموسوعة العتبات المقدسة ١ : ٢٠١.