«يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ» (١) فكيف يخالف بين حكم الأولاد ويعطى بعضهم للذكر مثل حظ الأنثيين والبعض الآخر نصيب آبائهم الذي يختلف ويزيد وينقص ويقتضي تارة تفضيل الأنثى على الذكر والقليل على الكثير وتارة المساواة بين الذكر والأنثى؟ وعلى أي شيء يعول في الرجوع عن ظاهر كتابه تعالى؟ فأما مخالفونا فإنهم لا يوافقونا في تسمية ولد البنت بأنه ولد على الحقيقة وفيهم من وافق على ذلك ، ووافق جميعهم على أن ولد الولد وإن هبط يسمى ولدا على الحقيقة (٢). إلى أن قال : ومن ما يدل على أن ولد البنين والبنات يقع عليهم اسم الولد قوله تعالى : «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ» (٣) وبالإجماع أن بظاهر هذه الآية حرمت بنات أولادنا ، ولهذا لما قال الله تعالى «وَأَخَواتُكُمْ وَعَمّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ» (٤) ذكرهن في المحرمات لأنهن لم يدخلن تحت اسم الأخوات ، ولما دخل بنات البنات تحت اسم البنات لم يحتج أن يقول : وبنات بناتكم. وهذه حجة قوية في ما قصدناه. وقوله تعالى «وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ» (٥) وقوله تعالى : «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ... إلى قوله أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ» (٦) لا خلاف في عموم الحكم لجميع أولاد الأولاد من ذكور وإناث. ولأن الإجماع على تسمية الحسن والحسين (عليهماالسلام) بأنهما ابنا رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنهما يفضلان بذلك ويمدحان ، ولا فضيلة ولا مدح في وصف مجاز مستعار. ولم تزل العرب في الجاهلية تنسب الولد إلى جده إما في موضع مدح أو ذم ولا يتناكرون ذلك ولا يحتشمون منه ، وقد كان يقال للصادق عليهالسلام أبدا : أنت ابن الصديق لأن أمه بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر. ولا خلاف في أن عيسى عليهالسلام من بني آدم وولده وإنما ينسب إليه بالأمومة دون
__________________
(١) سورة النساء الآية ١٣.
(٢) المغني ج ٥ ص ٥٦٠ و ٥٦١.
(٣ و ٤ و ٥) سورة النساء الآية ٢٨.
(٦) سورة النور الآية ٣٢.