فقال : وقد جاءت رخص عن الصادقين (عليهمالسلام) في تقديمها شهرين قبل حلها وجاء ثلاثة أشهر وأربعة أشهر عند الحاجة إلى ذلك. وإليه يميل كلام المحقق في المعتبر أيضا حيث قال على أثر الكلام المتقدم نقله عنه : وكأن الأقرب ما ذكره المفيد من تنزيل الرواية على ظاهرها في الجواز فيكون فيه روايتان. انتهى. ولا ريب أن هذا أقرب في الجمع بين الأخبار من ما ذكره الشيخ (قدسسره).
ولعل الأقرب منها هو حمل هذه الأخبار على التقية التي هي في اختلاف الأخبار أصل كل بلية ، فإن القول بالجواز مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد (١) كما نقله في المعتبر لما روي (٢) «أن العباس سأل رسول الله صلىاللهعليهوآله في تعجيل صدقته فرخص له». ورووا عن علي عليهالسلام (٣) «أن النبي صلىاللهعليهوآله قال لعمر قد أخذنا زكاة العباس عام أول للعام». وظاهر النقل عنهم يعطي القول بجواز التقديم مطلقا غير مخصص بعدد ، ولعل ذكر الشهر والشهرين ونحوهما في أخبارنا إنما خرج مخرج التمثيل فلا يدل على التخصيص كما يشير إليه اختلاف الأخبار في ذلك.
ورجح بعض مشايخنا المعاصرين حمل أخبار الجواز على العذر والضرورة المانع من التمكن من إعطائها بعد حلول وقت الوجوب كما يقدم غسل الجمعة لخوف إعواز الماء ، قال : وهذا جمع حسن تتلاءم به الأخبار ، وحينئذ فالاقتصار على الشهرين كالاقتصار على يوم الخميس وما بعده بالنسبة إلى غسل الجمعة. انتهى.
ولا يخفى بعده بل عدم استقامته ، وكأنه بنى في ذلك على رواية حماد بن عثمان المتضمنة للشهرين (٤) وإلا فالأخبار التي قدمناها منها ما يدل على التقديم في أول السنة كمرسلة حسين بن عثمان ومنها بعد ستة أشهر كرواية أبي بصير أو خمسة أشهر كروايته الثانية (٥) ومعلومية العذر عن إخراج الزكاة في هذه المدد كمعلومية العذر
__________________
(١) نيل الأوطار ج ٤ ص ٢١٤.
(٢ و ٣) سنن البيهقي ج ٤ ص ١١١.
(٤) ص ٢٢٩.
(٥) ص ٢٣٣.