وقوعها على الوجه المشروع ، ولأن تتبع مصارف الأموال عسر.
أقول : الظاهر أن الخبر المذكور لا دلالة فيه على ما ذكروه من أنه متى جهل الإمام حال إنفاقه لم يدفع له من هذا السهم ، وبيان ذلك أن الظاهر أن المرجع في الإنفاق إلى كونه طاعة أو معصية إنما هو إلى المنفق لأنه المتولي لذلك ، واطلاع الناس على ذلك أمر نادر غالبا سيما إذا كان مستور الظاهر ، وحينئذ فيرجع الحكم إليه فإن أنفقه في طاعة جاز له الأخذ من هذا السهم وحل له ذلك وإن أنفقه في معصية حرم عليه الأخذ منه. وأما الحكم بالنسبة إلى الإمام فإنه إن اطلع على أحد الأمرين عامله به وإن لم يطلع ولا سيما مع كونه مستور الظاهر غير معروف بالفسق فإنه يدفع إليه بناء على ظاهر الحال ولكنه يحرم عليه في ما بينه وبين الله إن كان ما استدانه قد أنفقه في المعصية ، وحينئذ فيرجع قوله عليهالسلام : «إذا كان أنفقه في طاعة الله» إلى ما لو علم الإنفاق بكونه في طاعة أو بني في ذلك على حسن ظاهره كما يشير إليه قوله عليهالسلام في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج «لم يكن بمفسد ولا مسرف» وقوله في رواية صباح بن سيابة «لم يكن في فساد ولا إسراف» فإن مرجع ذلك إلى الحكم بحسن الظاهر.
والرواية عند التأمل فيها لا منافاة فيها لما ذكرناه ، لأنه لما ذكر عليهالسلام أنه إنما يعطيه الإمام إذا أنفقه في طاعة الله وأما إذا أنفقه في المعصية فلا شيء له رجع له الراوي وقال له إن صاحب هذا الدين لا علم له بكونه أنفقه في طاعة أو معصية ، أجابه عليهالسلام بما معناه أن صاحب الدين لا مدخلية له في ذلك وإنما المرجع فيه إلى المستدين فإن كان قد أنفق ما استدانه منه في معصية وجب عليه أن يسعى له فيه ويرده عليه وهو صاغر. هذا حاصل جوابه عليهالسلام. وجهل الإنفاق هنا إنما نسب إلى صاحب الدين لا إلى الإمام حتى يتم ما توهموه من الخبر من أنه متى جهل الإمام وجه الإنفاق لم يدفع له من هذا السهم ، غاية الأمر أن الإمام عليهالسلام للتفصيل الذي ذكره أولا وعلم منه الحكم أجمل في الجواب ثانيا اعتمادا على ما قدمه من التفصيل.