لهؤلاء لكي يرغبوا في الدين ويستقر في قلوبهم. وبالجملة فإن هذا من أعجب العجائب من الأصحاب.
بقي الكلام في أنه على تقدير المعنى الذي ذكرناه في بيان المؤلفة هل يسقط هذا السهم بعده صلىاللهعليهوآله أم لا؟ الظاهر من الأخبار المتقدمة بالتقريب الذي شرحناه أنه لا ريب في سقوطه في زمن الغيبة كزماننا هذا وما قبله وما بعده إلى أن يعجل الله تعالى فرج وليه ، وأما في وقت الأئمّة (صلوات الله عليهم) فالأخبار وإن دلت على وجود من يحتاج إلى التأليف في زمانهم (صلوات الله عليهم) كما قدمنا الإشارة إليه إلا أن التأليف لما كان مخصوصا بهم وأيديهم (عليهمالسلام) يومئذ قاصرة عن إقامة الحدود الشرعية وتنفيذ الأحكام لغلبة التقية ـ إلا أن يكون تأليفا بغير الأموال كما أشرنا إليه آنفا ـ فمن أجل ذلك سقط أيضا.
ويؤيد ما ذكرناه ما صرح به شيخنا أمين الإسلام الطبرسي (قدسسره) في كتاب مجمع البيان حيث قال : ثم اختلف في هذا السهم هل هو ثابت بعد النبي صلىاللهعليهوآله أم لا؟ فقيل هو ثابت في كل زمان عن الشافعي واختاره الجبائي (١) وهو المروي عن أبي جعفر عليهالسلام إلا أنه قال من شرطه أن يكون هناك إمام عادل يتألفهم به على ذلك. ثم نقل القول بالاختصاص بزمانه صلىاللهعليهوآله بالتقريب الذي نقله في المدارك عن بعض العامة وأسنده إلى الحسن والشعبي وأبي حنيفة وأصحابه (٢).
ومن المحتمل قريبا أن إسقاط ابن بابويه سهم المؤلفة بعده صلىاللهعليهوآله إنما هو لما ذكرناه فإنه لم يتعرض لبيان معنى المؤلفة وأنهم عبارة عن ما ذا.
وروى الصدوق (قدسسره) في الصحيح وثقة الإسلام في الصحيح أو
__________________
(١) نسبه في البداية ج ١ ص ٢٣٥ إلى الشافعي وأبي حنيفة وفي نيل الأوطار ج ٤ ص ٢٣٤ إلى الجبائي والشافعي وفي المغني ج ٢ ص ٦٦٦ إلى الحسن والزهري وأبي جعفر ع.
(٢) نسبه في البداية ج ١ ص ٢٣٥ إلى مالك وفي نيل الأوطار ج ٤ ص ٢٣٤ إلى أبي حنيفة وأصحابه وفي المغني ج ٢ ص ٦٦٦ إلى الشعبي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي.