لذا تسعى المؤسّسة الدينيّة إلى توخّي الدقّة والضبط في انتقاء واختيار الفرد أو الأفراد الذين يقع على عاتقهم تمثيلها في أداء تلك المهام ، فنجدها تنتخب ذوي العلم والمعرفة والفكر والثقافة وممّن لهم السمعة الطيّبة والأخلاق الحميدة والشخصيّة المؤثّرة ; كونها تدرك أكثر من غيرها طبيعة العلاقة الوشيجة بين نوع الخطاب والمخاطَب ، بين البثّ والاستقبال ، بين الإرسال والتلقّي .. تلك العلاقة التي تعني خطف القلوب والعقول والنقش على ألواح الضمائر وخبايا الروح وأعماق الحنايا والشعور فيما لو كان الإرسال مفعماً بالصدق والإخلاص والحبّ والمعرفة ، وإلاّ فلا يرشح من النقيض إلاّ النقيض.
كما أنّ المؤسّسة الدينيّة تدرك مدى رصد الناس ودقّة مراقبتها وحجم انتظارها منها ; إثر الفضاء الحاكم على المجتمع والعرف والأخلاق ، الذي منح هذه المؤسّسة بالغ القدسيّة ورفيع الحرمة وشامخ المكانة وسامق المنزلة ، المتقادمة قدم السنين والقرون ; فإنّ مقام النيابة العامّة مقامٌ إلهي عظيم وشأنّ ربّاني أصيل. من هنا فإنّ أيّ قول وفعل وتقرير من أيّ فرد محسوب على المؤسّسة الدينيّة ، بشكل عامّ ، أو في ما يرتبط بموضوع بحثنا بشكل خاصّ ، سيترك أبرز الأثر ، سلباً كان القول والفعل والتقرير أم إيجاباً ، بعلاقة طرديّة لا تقبل الغموض والترديد.
إنّ المستفاد من أفكار ورؤى ونصائح المؤسّسة الدينيّة هو التأكيد على النوع لا على الكثرة وتكثير السواد ، فلربّ سالبة من ساذج أو جاهل أضاعت جهوداً كبار.