الأقلّ من عقول الناس ، وبالتالي فإنّ معرفتهم الحسّيّة نسبيّة. ويرى أنّ قوى الإدراك الحسّي كثيراً ما تعمل فينا كالمرايا الزائفة فتشوّه ما تعكسه في الخارج ، وبذلك فعقولنا تفرض على العالم الخارجي نظاماً مستمدّاً من أنفسنا ولا ينتسب إلى الحقيقة الواقعيّة في الخارج ، مثاله : ميلنا إلى تصديق ما نحبّ أن يكون صحيحاً.
وعنى بأصنام الكهف : أنّ الإنسان أسير حواسّه. فلكلّ إنسان كهفه الخاصّ به الذي يعترض ويشوّه نور الطبيعة الواصلة إليه. لذا بات كلّ واحد منّا يميل إلى تفسير ما يتعلّمه على ضوء مزاجه أو ما يهواه من آراء ونظريّات.
أمّا أصنام السوق فقد عنى بها : ما تعلّق باللغة ; إذ هي وسيلة التفاهم والتبادل بين الناس ، والتجارة هي تبادل في السوق ، والأخطار الناجمة عن اللغة تقع في حالتين : حالة اشتراك معاني الألفاظ فيقع الخلط أو التمويه ، وحالة عدّ الألفاظ من الأشياء فنستغني بالألفاظ عن الأشياء والوقائع والأفعال.
إنّنا نختلف مع فرانسيس بيكون ولاسيّما في صنمه الرابع ; وياليته كان حاضراً في عصرنا هذا ليرى تهشّم النظريّة الفيزيائيّة القائمة على عدّ الكون والطبيعة ماكينة تعمل بانتظام طبق عوامل وعلل وأسباب وقوانين ثابتة ، الأمر الذي يقودنا باعتقاده إلى الحتميّة التأريخيّة ونهاية التأريخ والايديولوجيا ، أي الإيمان بكون التجريبيّة والرأسماليّة هي قمّة التاريخ