والأخلاق والأحاسيس من قضايا ومحتويات واقعيّة ، من شيء اسمه «الحسين» من شيء اسمه «خروج الحسين ومقتله في أرض يقال لها : كربلاء» من شيء اسمه «خلود الحسين» ، حتى يومنا الحاضر على أدنى تقدير عقلاني ، بهذا الحجم والمساحة والحضور الهائل الفاعل.
حينئذ تكون المقارنة العقلانيّة بين خروج الحسين وعدمه في أرقى مصاديقها وأرفع تفاعلاتها ، فتعطي بذلك انطباعاً بديهيّاً بغنى النتائج التي تُظهِر البون الكبير بين الوجود والعدم ، بين خروج الحسين وتأثيراته على العالم والبشريّة ، وعدم خروجه وتأثيراته عليهما.
لو تجرّدنا افتراضاً عن كلّ أمر فإنّنا لا يمكن أن نتجرّد عن كوننا جميعاً إنّما نحيي بالحسين تبادراً : الإصلاح ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الإيثار ، الحبّ ، السلام .. فهل تريد الإنسانيّة أكثر من ذلك ، وهل تخلّد سواه؟!
إنّ سكون دم الحسين الخلد لم يكن اعتباطاً ولم يأت من فراغ ، إنّها عصارة المنهج الذي يستقي مضامينه وأدواته من قيم واُصول وقواعد تؤمن بالدليل والمنطق والحوار ، فلا تنفي الآخر ولا تحذفه ، تسعى بكلمتها بلا ترويع وتحريف ، تجهد أن تقود حيث مراتع الهداية والنجاة والفلاح.
إذن خرج الحسين لأ نّه كان لابدّ أن يفعل ذلك ، كان لابدّ أن يعيد الاُمور إلى نصابها الصحيح ، وعلى أدنى تأثير فإنّه استطاع إنقاذ الذاكرة