ذلك السبي المعروف .. لكنّ التاريخ يورد أخباراً لا تقلّ فضاعةً في قتل الأنبياء والأوصياء في حالات سبي مروّعة يندى لها جبين الإنسانيّة.
ما نودّ التنويه إليه : أنّ بقاء الحسين حيّاً حاضراً في الضمير والعقل الإنساني حضوراً فاعلاً يزداد ألّقاً وعنفواناً يوماً بعد آخر ، لا ينحصر سببه بالآليّة الإحيائيّة التي يمارسها أتباعه وهواة نهضته ; ولا في كونه إماماً من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) قد قُتل بطريقة على غاية من البشاعة ، ناهيك عن كونه سبط الرسول وريحانته وسيّد شباب أهل الجنّة ; ولا في البرنامج الإصلاحي التغييري الذي حمل لأجل تحقّقه مهجته على كفّيه ..
إذ العقل والمنطق لا يرى كفاية الأسباب المشار إليها لبقاء الحسين سرمديّاً هكذا رغم عظمة وأهمّيّة كلّ واحد منها .. آنئذ لابدّ أن نرى ماهيّة الشروط والصفات التي توفّرت فيه عليه السلام كي يكون على هذا الحال ، فهل من خصوصيّة فيه قد خفيت على الجميع ، هل في دمائه سرّ معيّن ، أم لشخصه الشريف موضوعيّة ذاتيّة ، وهل للغيب دخل في القضيّة ...؟ هل مارس العقل العربي والإسلامي وظائفه والتزاماته وأدواته المعرفيّة وأنساقه العلميّة في الإجابة عن سلسلة من التساؤلات المصيريّة التي بقيت دون إجابات؟
فأين المائز إذن الذي جعل من الحسين (عليه السلام) وقضيّة مقتله شيئاً خالداً كلّما مرّت عليه السنون كلّما ازداد عزّاً وشموخاً بلا أدنى إغراءات مادّيّة وإعلاميّة ولا حوافز ولا تطميعات أو تهديدات بفرض عقوبات اقتصاديّة