وإن مات «إله نيتشه» ومات «إنسان فوكو» فهاموا على وجوههم بحثاً عن إنسان وإله جديد ، أو صيغة جديدة للإيمان بالله على رأي من يؤوّل صرخة نيتشه بأ نّها تعني موت ذلك الإله الذي ألقت بمفهومه الديانة المسيحيّة في عقول وقلوب الناس فغدت الحاجة ماسّة إلى آلية جديدة للإيمان بالله غير آلية المسيحيّة في القرون الوسطى ..
وإنّ المحاولات الغربيّة الساعية إلى إيصال العلوم الإنسانيّة مرتبةً بمصاف العلوم التجريبيّة لعلّ الإنسان يحيا من جديد ، لازالت غير موفّقة ..
وإنّ العثمانيّون بجمودهم على المذهب الحنفي وتهميشهم سائر المذاهب وحذفهم وبترهم للمذهب الشيعي قد كانوا طرف المعادلة في الشطر الآخر من العالم الذي أمات الأنسنة وقضى عليها ..
فإنّ نزعة الأنسنة تبقى عندنا نابضة دافقة رغم ضمورها واُفولها في هذا العصر أو ذاك ، لا تموت لأ نّها محور من محاور وجودنا وقطب من أقطاب انتمائنا وهويّتنا وأساس في مبادئنا وقيمنا ، نزعةٌ قُتِل أئمّتنا عليهم السلام من أجل إبقائها وتشييدها ، اضطُهِد رجالُنا وعلماؤنا ومفكّرونا بسبب إيمانهم بها ، ولازلنا ندفع ضريبتها إلى الآن ، حتى بدأت الأصوات تتعالى مؤخّراً من شطري العالم بوجوب منح الفرصة للتشيع العقلاني بالظهور وممارسة دوره في الأنسنة وبثّ القيم المعتدلة المتجرّدة عن العنف والقسوة والتطرّف .. إنّ تعالي هذه الأصوات نابع من تلك