الرواة عن الأئمّة الماضين عليهمالسلام ثمّ عرض ذلك الكتاب على محدّثي وفقهاء قم ومنهم علي بن بابويه فصحّحوا له روايات كتابه عدا ما رواه في القدر الواجب في زكاة الفطرة ، فإنّه خلاف مسلّمات المذهب.
وكذا ما ذكره الشيخ (١) عن النائب الأوّل والثاني من تأليفهما لكتاب جمعا فيه ما روياه عن الإمامين العسكريين عليهماالسلام ، وما روياه عن الرواة عن الأئمّة الماضين ، وورثته بنتهما العالمة الجليلة وقد تلقّت الطائفة هذا الكتاب كبقيّة الكتب الروائية من النظر إلى أسانيده وغير ذلك ؛ فإذا كان الحال في النوّاب الأربعة ذلك فكيف بغيرهم!
والحاصل : انّه كان ديدن الناحية المقدّسة عجّل الله فرجه بل وكان ديدن الأئمّة الماضين عليهمالسلام ذلك ، إذ هي الطريقة المألوفة ، فهل يتوهّم أنّ ما ألّف من كتب روائيّة في عهد الصادقين أو الكاظمين والرضا والعسكريين عليهمالسلام إنّه قد عُرضت جميع تلك الكتب عليهم وصحّحت جميع طرقها ، مع أنّ عهدهم كان عهد الحضور والتقيّة فيه ، دون التقيّة في زمن الغيبة الصغرى.
وأمّا الجواب عن الأمر الثالث ، فإنّ أوثقيّة الكليني وأثبتيّته حتّى سُمّي بثقة الإسلام لا تعني إلّا الإعتبار لنفي الدسّ والوضع عن كتابه وعن المنابع والمآخذ التي استند إليها ، لا إنّها تعني توفّر الكليني رحمهالله على ما يرفع الإرسال أو القطع أو المجهولية في سلسلة الطرق التي قد تكون في روايات كتابه ، إذ قد ذكرنا أنّ ذكر
__________________
ل لا الفقهاء بها ، وقال لهم : انظروا في هذا الكتاب وانظروا فيه شيئاً يخالفكم ، فكتبوا إليه : انّه كلّه صحيح ، وما فيه شيء يخالف إلّا قوله في الصاع : في الفطرة نصف صاع من طعام ، والطعام عندنا مثل الشعير من كلّ واحد صاع».
(١). الغيبة / ٣٦٣.