والتعديل حكم من
الأحكام ولا تثبت الأحكام إلّا بشهادة شاهدين».
وقال في المسألة
الخامسة عشر : «إذا حظر الغرباء في بلد عند الحاكم فشهد عنده اثنان فإن عرفا
بعدالة حُكّما ، وإن عرفا بالفسق وُقّفا وإن لم يعرف عدالة ولا فسقاً بحث عنهما ،
وسواء كان لهما السيماء الحسنة والمنظر الجميل وظاهر الصدق ، وبه قال الشافعي.
وقال مالك : إن
كان المنظر الحسن توسّم فيهما العدالة حكم بشهادتهما ، دليلنا قوله تعالى (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ
فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) وهذا ما رُضي بها» .
أقول : والناظر
لعبارة الشيخ في المسألة الأولى المتقدّمة يوهم وهماً شديداً بأنّه قائل بأنّ
الأصل في المسلم والمؤمن العدالة ، بينما إذا ضُمّت المسألة الأخيرة والمسألة
المتوسّطة مع المسألة الأولى ، يتّضح جليّاً لا خفاء فيه أنّ الشيخ في صدد التفصيل
بين من تحصل معه العِشرة من المسلمين والمؤمنين ، بحيث لا يظهر عليه خلاف الصلاح
ولا سوء ولا منافي للعدالة ، وبين من يكون من المسلمين أو المؤمنين من الغرباء
الذين لا خلطة ولا معاشرة للإنسان بهم ، فإنّه يجب أن يتحرّى أمارات العدالة فيهم
، وبين من شُهد عليه بكلّ من الجرح والتعديل وإن كانت به خلطة وعِشرة ، فإنّه حكم
في الشقين الآخرين بلزوم الفحص دون الأوّل لا لكون الأصل فيه العدالة كما توهّمه
العبارة ، بل استناداً إلى أمارات الصلاح المحسوسة بالعشرة والخلطة ، فلا حاجة
للتنقيب معها عن ثبوت الجرح ،
__________________