النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا فقال :
« اللهمّ إنّي أسألك بما سألك أخي موسى ، أن تشرح لي صدري ، وأن تيسّر لي أمري ، وتحلّ عقدة من لساني ، يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيرا من أهلي ، عليّا أخي ، أشدد به أزري ، وأشركه في أمري » (١).
فإنّ المراد هنا ب ( الإشراك في أمره ) هو : الإشراك بالإمامة ، لا الإشراك بالنبوّة ، كما هو ظاهر ، ولا المعاونة على تنفيذ ما بعث فيه ؛ لأنّه قد دعا له أوّلا بأن يكون وزيرا له.
وبالجملة : معنى الآية الكريمة : أشركه في أمانتي الشاملة لجهتي النبوّة والإمامة.
ولذا نقول : إن خلافة هارون لموسى لمّا ذهب إلى الطور ليست كخلافة سائر الناس ممّن لا حكم ولا رئاسة له ذاتا ، بل هي خلافة شريك لشريك أقوى ، ولذا لا يتصرّف بحضوره.
فكذا عليّ عليهالسلام بحكم الحديث ؛ لدلالته على أنّ له جميع منازل هارون التي منها شركته لموسى في أمره سوى النبوّة ، فيكون عليّ إماما مع النبيّ في حياته ، كما أوضحناه عند الكلام على الأولى من الآيات التي ذكرها المصنّف رحمهالله (٢) ، فلا بدّ أن تستمرّ إمامته إلى ما بعد وفاته ، ولا سيّما أنّ النظر في الحديث إلى ما بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا ؛ ولذا قال :
__________________
(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٨٤٣ ـ ٨٤٤ ح ١١٥٨ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٦٨ ـ ٣٧١ ح ٥١٠ ـ ٥١٣ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٥٢ ، تفسير الفخر الرازي ١٢ / ٢٨ ، الرياض النضرة ٣ / ١١٨ ، ذخائر العقبى : ١١٩.
(٢) راجع : ج ٤ / ٣٠٥ وما بعدها من هذا الكتاب.