مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عهد فإنّ أجله أربعة أشهر ؛ فناديت حتّى صحل (١) صوتي ».
وروى الطبري في تفسيره نحو هذين الحديثين ، عن عليّ ، وابن عبّاس ، وأبي هريرة ، من عدّة طرق (٢).
فثبت بما ذكرنا كذب ما زعمه الفضل حقيقة الخبر ، وظهر أنّ أبا بكر رجع قبل الحجّ معزولا ، لا لقضاء قواعد العرب بإرسال عليّ عليهالسلام ، بل لتوقّف مثل هذا العمل عند الله سبحانه على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو عليّ عليهالسلام ؛ لأنّه منه ونفسه ..
فلا بدّ أن يكون نصب أبي بكر ، ثمّ عزله بعليّ عليهالسلام في أثناء الطريق بعد اشتهار نصبه ، إنّما هو للتنبيه من الله تعالى ونبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على أنّ أبا بكر غير صالح للقيام مقام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك ، فلا يصلح ـ بالأولويّة ـ للزعامة العظمى بعده!
وللتنبيه أيضا على أنّ مثل هذا العمل إذا لم يصلح إلّا لمن هو من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ونفسه ، فالإمامة أولى! ..
ففيه إرشاد إلى فضل عليّ ، وأنّه هو المتعيّن للقيام مقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الإمامة والزعامة العامّة دون سائر الناس ، ولو أرسل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمير المؤمنين عليهالسلام من أوّل الأمر لم يحصل ذلك التنبيه والإرشاد (٣).
__________________
(١) صحل صوته : بحّ صوته ؛ انظر : لسان العرب ٧ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ مادّة « صحل ».
(٢) تفسير الطبري ٦ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ح ١٦٣٨٢ ـ ١٦٣٨٥.
(٣) وانظر : الإمامة في أهمّ الكتب الكلامية : ٦٨ ـ ٧٢ قضيّة إبلاغ سورة براءة تعقيبا على « شرح المواقف ».