فانظر إلى هذه القصّة الخيالية ، واعتبر في آخرها كيف نسب أبو هريرة نبيّ الله إلى الكذب ، وجحود ما فعل ، وكتب عليه وختم ، كراهة للموت الذي بعده الكرامة التي رآها قبل الهبوط إلى الدنيا الدنية وبكى شوقا إليها!!
ولو فرض نسيان آدم ، فما معنى جحوده ، وقد ذكّره ملك الموت ، وهو الصادق الأمين؟!
ولكنّ أبا هريرة لا يبالي بنقص الأنبياء حتّى جعل جحود آدم عليهالسلام سببا لجحود ذرّيّته الباطل!
وليت شعري ، لم دخل في خيال أبي هريرة أنّ وبيص ما بين عيني داود أعجب إلى آدم من وبيص ما بين عيون الأنبياء ، حتّى سيّدهم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأحدهم يوسف ، ومن زاده الله بسطة في العلم والجسم (١)؟!
ومنها : ما رواه البخاري (٢) ، عنه ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : « بينا أيّوب يغتسل عريانا ، فخرّ عليه جراد من ذهب ، فجعل أيّوب يحثي في ثوبه ، فناداه ربّه : يا أيّوب! ألم أكن أغنيتك عمّا ترى؟!
قال : بلى وعزّتك ، ولكن لا غنى بي عن بركتك ».
فإنّ جمعه للمال ؛ إن كان رغبة في الدنيا ، فالأنبياء أجلّ قدرا من ذلك.
وإن كان للآخرة ـ ولو بإظهار الحاجة إلى كرمه تعالى وتلقّي النعمة
__________________
(١) أي : نبيّ الله طالوت عليهالسلام.
(٢) في باب من اغتسل عريانا وحده ، من كتاب الغسل [ ١ / ١٢٩ ح ٣٠ ]. منه قدسسره.