روى البخاري ، في « باب ما جاء في البناء » ، آخر « كتاب الاستئذان » ، عن سفيان ، قال ابن عمر : « والله ما وضعت لبنة على لبنة ، ولا غرست نخلة منذ قبض النبيّ.
قال سفيان : فذكرته لبعض أهله ، قال : والله لقد بنى!
لكنّ سفيان حمله على الصحّة ، فقال : لعلّه قال قبل أن يبني » (١).
أقول :
أهله أعرف به ، ولو لم يعرفه هذا البعض منهم بالكذب لما تسرّع لتكذيبه.
ولو سلّم ، فلا تتّجه بقيّة الروايات ؛ إذ لا وجه لها إلّا الحمل على الخطأ ، وهو ممتنع عادة في كثير منها.
ولو سلّم ، فمن أخطأ في هذه الأمور المحسوسة الظاهرة ، لا يمكن الحلف على صدق ما يرويه.
وبالجملة : الكذب ـ عمدا أو خطأ ـ في ما اختلف فيه ابن عمر وغيره ، لا بدّ أن يكون صادرا من أحدهما ، فيمتنع معه صحّة الحلف المذكور.
وقد وقع لأنس من ابن عمر ، مثل ما وقع لابن عمر من عائشة.
أخرج أحمد (٢) ، عن بكر ، قال : قلت لابن عمر : إنّ أنسا حدّثه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لبّى بالعمرة والحجّ.
فقال ابن عمر : هل خرجنا مع رسول الله إلّا حجّاجا؟! فلمّا قدمنا
__________________
(١) صحيح البخاري ٨ / ١٢٠ ح ٧٣.
(٢) ص ٧٩ ج ٢ ، ونحوه ص ٥٣ من الجزء المذكور. منه قدسسره.