ثمّ لمّا أخذ الكفّار في إيذاء المسلمين وتعذيبهم ، قام أبو بكر بأعباء أذيّة قريش وإعانة المعذّبين ، والذبّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما هو مشتهر معلوم لا يحتاج إلى بيانه.
وكان يشتري المعذّبين من الكفّار ، واشترى بلال بن رباح ، وفدى غيره من الصحابة ، وابتلي بلاء حسنا لا يكون فوقها مرتبة حتّى جاء وقت الهجرة فصاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الغار ، وأنزل الله فيه : ( ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ ) (١).
وأثنى الله عليه في كتابه العزيز في مواضع عديدة ممّا يطول ذكرها ، ولو لا أنّ الكتاب غير موضوع لذكر التفاصيل ، لفصّلنا مناقبه في عشر مجلّدات!
ثمّ بعد الهجرة أقام يحفظ الدين والجهاد ، ولم يقدر أحد من الشيعة أن يدّعي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غزا غزوة وتخلّف عنه أبو بكر حتّى توفّي.
وإجماع الأمّة على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقدّمه على أصحابه ويفضّله عليهم ، وهو لم يفارق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قطّ في غزاة ، ولا سفر ، ولا فرّ في غزوة ، ومن ادّعى خلاف ذلك فهو مفتر كذّاب ، مخالف لضرورات الدين.
ذكر في « صحيح البخاري » ، عن محمّد بن الحنفيّة ، قال : قلت لأبي : أيّ الناس خير بعد النبيّ؟
قال : أبو بكر.
قلت : ثمّ من؟
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٤٠.