الوضع ، على أنّ الأخبار الناطقة بخلافة أمير المؤمنين عليهالسلام كثيرة ، فتعتبر لاعتضاد بعضها ببعض وإن ضعفت أسانيدها ، فكيف وقد صحّ بعضها عندهم كما عرفت (١)؟!
بل عرفت في مقدّمة الكتاب أنّ رواة فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام ثقات في تلك الرواية (٢) ، خصوصا مثل مطر الذي لم يضعّفوه إلّا لروايته كثيرا في فضل عليّ عليهالسلام ، ولعلّه لذا لم يعتن ابن ماجة بتضعيفهم فأخرج له في صحيحه (٣).
هذا ، وليس قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض تلك الأخبار : « فيكم » أو « في أهلي » مقصودا به تقييد الخلافة ؛ للإجماع على عدم الفرق بين عشيرته وغيرهم ، وللزوم اجتماع خليفتين : عامّ وخاصّ ، ولا يقوله أحد.
ولا يصحّ أن يراد بخلافته في أهله ـ في الحديثين الأخيرين ـ قيامه بأمور دنياهم ؛ لعدم قيام عليّ عليهالسلام بأرحام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ونسائه ، وعدم خلافته عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في القيام بفاطمة والحسنين ، بل هم عياله الّذين تجب نفقتهم عليه أصالة لا بالخلافة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فالمقصود في هذه الأخبار هو : الخلافة العامّة والزعامة العظمى ، كما يشهد له ذكر الوصية مع الخلافة في الخبر الأخير ، وقوله : « خير من أخلف » أو « أترك بعدي » في الأخيرين ، مضافا إلى إطلاق الخلافة في بعض الأخبار السابقة (٤).
__________________
(١) انظر الصفحة ٢٦ وما بعدها من هذا الجزء.
(٢) انظر : ج ١ / ٧ وما بعدها من هذا الكتاب.
(٣) انظر : سنن ابن ماجة ٢ / ٩٤٦ ح ٢٨٣٤ كتاب الجهاد / باب الخديعة في الحرب.
(٤) انظر الصفحات ٦ و ٢٦ ـ ٢٧ و ٣٣ و ٤٠ من هذا الجزء.