ولذا استشكل الرازي في رواية الواحدي فقال : « وعندي فيه إشكال ؛ لأنّ الّذين أمر الله رسوله بمشاورتهم في هذه الآية هم الّذين أمره أن يعفو عنهم ويستغفر لهم ، وهم المنهزمون.
فهب أنّ عمر كان من المنهزمين فدخل تحت الآية ، إلّا أنّ أبا بكر ما كان منهم ، فكيف يدخل تحت هذه الآية؟! والله أعلم » (١) انتهى.
وفيه : إنّ الإشكال موقوف على تقدير ثبات أبي بكر ، وهو خلاف الحقيقة!
هذا ، والآية ظاهرة في الأمر بمشاورتهم للتأليف ، كما يظهر من كثير من أخبارهم (٢).
ومثله الأمر بالعفو عنهم والاستغفار لهم ، كما ستعرف إن شاء الله تعالى.
وقال ابن أبي الحديد (٣) : « قال الجاحظ : وقد ثبت أبو بكر مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم أحد كما ثبت عليّ ، فلا فخر لأحدهما على صاحبه.
قال شيخنا أبو جعفر : أمّا ثباته يوم أحد فأكثر المؤرّخين وأرباب السير ينكرونه ، وجمهورهم يروي أنّه لم يبق مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا عليّ وطلحة والزبير وأبو دجانة.
وقد روى عن ابن عبّاس أنّه قال : ولهم خامس ، وهو عبد الله بن
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ٩ / ٧٠.
(٢) انظر مثلا : تفسير الماوردي ١ / ٤٣٣ ، تفسير الطبري ٣ / ٤٩٥ ـ ٤٩٦ ، تفسير القرطبي ٤ / ١٦١.
(٣) ص ٢٨١ من المجلّد الثالث [ ١٣ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤ ]. منه قدسسره.